مقاييس اختيار شريك الحياةبقلم/ الانبا موسى
كثيراً ما يتساءل المقبلون على الزواج "كم يكون الفارقالمثالى فى العمر
بين الخطيبين؟" أو "هناك فارق تعليمى كبير بيننا فهل أوافق؟" أو "هى من عائلة
أرستقراطية وأنا نشأت فى بيئة شعبية فهل يتناسبزواجنا".
ليس لمثل هذه الأسئلة ردود محددة، فلا يمكن - مثلاً - أننقرر مدى عمرياً
معيناً بين الخطيبين يصلح أن يطبق فى كل حالات الإرتباط إنما هناكمقاييس عامة فى
الإختيار من بينها فارق السن.
مقاييس الإختيار الزيجى :
أ- مقاييس داخلية :
1- حد أدنى من التعاطف والتجاذب النفسى المتبادل.
2- حد أدنى من التناسب فى الطباع.
3- حد أدنى من الإتفاق على قيم أخلاقية أساسية.
4- حد أدنى من الإتفاق على أهداف مشتركة فى الحياة.
5- حد أدنى منالتناسبالروحى.
ب- مقاييس خارجية :
1- الخصائص الجسمانية.
2- التناسب فىالعمر.
3- التناسب فى المستوى الثقافى والتعليمى.
4- التناسب فى المستوىالاجتماعى.
5- الإمكانات الإقتصادية اللازمة لإتمام الزواج.
ويأتى القرارالمناسب نتيجة للمحصلة النهائية لهذه
المقاييس مجتمعة، ولكى يتمكن كل من الخطيبينمن التأكد من صلاحية كل منهما للآخر ينبغى
أن يأخذ فى الإعتبار الاحتياطاتالتالية:
1- الوضوح مع النفس : وبالتالى الصراحة التامة مع الآخر والمكاشفةالمتبادلة بلا
تمثيل، ولا تزييف للحقائق ولا إخفاء لأمور لها علاقة بحياتهماالمشتركة المقبلة.
2- إتاحة فرصة كافية للتعرف : كل واحد على طباع الآخر عنقرب من خلال الأحاديث،
والمواقف والمفاجآت المختلفة، وهذا يتطلب أن تكون فترةالخطبة كافية، بلا تسرع ولا تعجل.
3- الإستعداد المتبادل لقبول الآخرالمختلف : "عنى" والتكيف على
طباعه حتى لو استلزم ذلك "منى" التنازل عن أمور أفضلهاولا تروق له، أو
تعديل سلوكيات وإتجاهات تعوقنى عن التفاهم معه والتلاقى به.. هذاهو أهم احتياط يؤخذ
فى الإعتبار من أجل زواج ناجح.
4- تحكيم العقل وعدمالانجراف مع تيار العاطفة : حيث العاطفة
الرومانسية خيالية، وتلتمس العذر لكلالعيوب حتى الجوهرية منها، وتؤجل تصحيح
الإتجاهات الخاطئة، وتضعف الإستعداد للتغيرإلى الأفضل، فالعاطفة غير المتعقلة توهم
الخطيبين بعدم وجود أية إختلافات، وتصورلهما استحالة حدوث أية مشكلات مستقبلية.
لو وضع كل خطيبين فى إعتبارهماهذه الإحتياطات الأربعة أو دربا نفسيهما على
العمل بها، ثم أعادا النظر إلىالمقاييس السابقة لصارت الرؤية أكثر وضوحاً،
ولأختفى التردد فى صنع قرار الإرتباط. فمن كان لديهما استعداد قبول الاختلافات
والتكيف عليها أمكنهما تحقيق التناسبالكافى الذى يؤدى غيابه إلى أغلب الخلافات
الزوجية.
أما بقية المقاييسالداخلية الأخرى فيمكن اكتشافها بغير صعوبة
مادام هناك الوضوح، والفرصة الكافية،والعقل الواعى، حيث يمكن بلا عناء التعرف
على وجود قيم وأهداف مشتركة، أما التناسبالروحى فهذا أمر يمكن إكتشافه أيضاً من خلال
المواقف المختلفة، ويمكن أيضاً أنيجتذب أحدهما الآخر للمسيح فيكون الزواج سبب
خلاص مشترك.
المقاييسالداخلية للإختيار - إذن - تشكل الأساس
الراسخ للزواج، ولكن لا ينبغى أن نتجاهلالمقاييس الخارجية: فكلما كان السن متقارباً
كلما كان ذلك أفضل ولكن ليست هذه هىالقاعدة الثابتة، إذ تلعب ديناميكية الشخصية
دورها المهم، فتوجد شخصيات قادرة علىتجاوز فارق السن،وشخصيات أخرى قد أصابتها شيخوخة نفسية مبكرة برغم صغرالسن.. فالعبرة -
إذن - بفاعلية الشخصية.
كذلك كلما كان هناك تقارب فىالمستوى التعليمى كلما كان ذلك مفضلاً، ولكن
هناك شخصيات ذات مستوى تعليمى أقل،ولكنها قادرة على تعويض نقص التعليم بمضاعفة
التثقيف الذاتى، بينما هناك شخصياتأخرى متعلمة ولكنها غير قادرة على التفكير
السليم والحوار الفعال، والنظرةالموضوعية للأمور، فالعبرة - إذن - بفاعلية
الشخصية.
كذلك يفضل أن يكونالمستوى الاجتماعى والاقتصادى بين الشريكين
متقارباً حيث يمكن للعائلتين التعاملبحرية مادام المستوى متناسباً، ولكن العبرة
بمدى الحب الحقيقى بين الزوجين حيثيتجاوز الحب كل الفوارق الإجتماعية، ولكن
زيجات من هذا النوع قد تتحداها صعوبات فىالتعامل بين العائلتين كلما كانت الفجوة
كبيرة بين الطرفين.
والخلاصةأنه يجب على المقبلين على الزواج التأكد من
توافر المقاييس الداخلية، مع أغلبالمقاييس الخارجية من أجل زواج ناجح.. وبرغم
أن المحبة واستعداد قبول الآخر كما هو،ومن حيث هو، تتجاوز الفجوات، وتصالح
المتناقضات، إلا أنه لا يفضل ضياع التناسب فىأكثر من مقياس خارجى واحد.. فقد نتجاوز عن
فارق عمر كبير بعض الشئ، ولكن لا تتجاوزعن فارق تعليمى واجتماعى بأن واحد.
أخيراً ينبغى أن نلتفت إلى ملاحظةمهمة.. إن إختيار شريك الحياة ليس إلا بداية
لمرحلة طويلة من الإكتشاف المستمرلشخصية الآخر، والتكيف الدائم مع طباعه من
خلال التفاهم والتنازل عن "تحيزاتى" حباًبالآخر الحب الذى يحتمل كل شئ، ويصبر على كل
شئ (1كو 13).. فإذا اعتبرنا أنالإختيار نقطة على خط الحياة الزوجية، فإن
عملية الإكتشاف المستمر لشريك الحياة هىخط الحياة الزوجية كلها، وبدونها لا يتحقق
نجاح الحياة العائلية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]